درجـات السكون
+ شىء هو تدبير العَلمانيين المتورعين وآخر هو تدبير الرهبان هؤلاء الذين لم يتخذوا لهم نساءً، ولا يأكلون اللحم، ويزرعون ويحصدون ويخدمون من يطرقهم، لأن أديرتهم مبنية على قوارع الطرق، وهم أقل من المتوحدين وأفضل من المتورعين.
كثير من الناس يشكون من أنهم ينسون، ويسألون باستمرار عن علاج للنسيان.. وحقاً إن للنسيان مساوئ كثيرة ومع ذلك فلكى ننصفه، نقول إن هناك ولا شك فوائد للنسيان. فهو روشتة لراحة البال .
النسيان على أنواع. هناك نسيان ضار ليس هو الذي نقصده في هذا المقال. فمن الخطا طبعاً ان ينسى المرء واجباته الدينية أو واجباته العالمية. ومن الخطأ أن ينسى عهوده ووعوده ومواعيده. ومن الخطأ أن ينسى فضل الناس عليه او ينسى بالأكثر إحسانات الله العديدة..
النسيان ليس كله شراً، لقد سمح الله به من أجل نفع الإنسان وفائدته، لو أحسن الإنسان استخدامه.. فالإنسان الحكيم يعرف متى ينبغى أن يذكر، ومتى ينبغى أن ينسى. فلا ينسى حيث يجب التذكر، ولا يتذكر حيث يجب النسييان.. وسنحاول في هذا المقال أن نشرح بعض المجالات التي يحسن فيها النسيان..
فمن فوائد النسيان مثلاً أن ننسي إساءات الناس إلينا.. ننساها لكي نستطيع أن نصفح وأن نغفر. وننساها لكيلا يملك الغضب على قلوبنا من جهتها.. ننساها لكي نهرب من شيطان الحقد ومن شيطان الكراهية.
الذي ينسى أخطاء الناس إليه، يمكنه أن يحب الجميع، ويملأ السلام قلبه من جهة الكل. ويستطيع أن يقابل كل أحد ببشاشة، ولا يختزن في قلبه شراً من جهة أحد.. لذلك إن أساء إليك أحد، لا تحاول أن تسترجع في ذهنك إساءته إليك. ولا تجلس مع الناس وتحدثهم عما فعله بك هذا المسئ.. لا تفكر في هذا الموضوع، ولا تتكلم فيه، لئلا يرسخ في ذاكرتك وفى قلبك، ويتعبك..
ولا تنسى فقط أخطاء الناس، إنما إنس أخطاءهم عموماً. لو تذكرت على الدوام أخطاء الناس، لأسودت صورتهم في نظرك، ولعجزت عن أن تجد لك في الناس صديقاً.. كل الناس لهم أخطاء، ولو تذكرنا لكل واحد أخطاءه، لما استطعنا أن نتعامل مع أحد.. وربما يدخل الشك إلى قلوبنا من جهة الناس جميعاً.. وربما لا نستطيع نتكلم باحترام مع كل أحد..
إن الله لا يضع أخطاءنا على الدوام أمام عينيه، فلنفعل هكذا مع الناس.. يقول لنا الإنجيل المقدس: "بالكيل الذي به تكيلون، يكال لكم ويزاد". ليتنا إذن ننسى أخطاء الناس، لكي ينسى الله أخطاءنا. وفى نفس الوقت الذي ننسى فيه أخطاء الناس، ينبغى أن نذكر خطايانا الخاصة، لكي نصل إلى حياة الاتضاع.. قال القديس الأنبا أنطونيوس: (إن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله، وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله)..
إذن اذكر خطاياك، وانس خطايا غيرك.. فإن هذا يقودك إلى الاتضاع وإلى المحبة.. أما الإنسان المتكبر أو غير المحب فإنه على العكس: دائماً ينسى نقائصه الخاصة، ودائماً يذكر أخطاء غيره. وقد يتحدث عن خطايا الناس، ويتضايق إن تحدث الناس عن خطاياه.
كذلك من النسيان النافع، أن تنسى فضائلك، أو تنسى الأعمال الحسنة التي شاءت نعمة الله أن تعملها على يدك.. إن عملت خيراً أو إن عمل الله خيراً بواسطتك، فالواجب عليك أن تنسى ما عملته. لا تذكره، ولا تتذكره. لئلا يوقعك في هذا الأمر في الاعجاب بالنفس أو في الكبرياء، وأيضاً لكيلا تجلب لنفسك مديحاً من الناس يضيع معه أجرك في السماء إذ تكون – حسبما يقول الإنجيل – " قد استوفيت خيراتك على الأرض"..
الذي يعمل خيراً، عليه أن يخفى الأمر، ليس عن الناس فقط، إنما حتى عن نفسه هو، بالنسيان. وفى هذا يقول السيد المسيح: "وأما أنت فمتى صنعت صدقة، فلا تعرف شمالك ما تفعله يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء، هو يجازيك علانية".. حقاً إن الذي يذكر فضائله، أو يظهر فضائله، إنما يقع في الغرور ويفقد ثوابه.. لذلك إنس الخير الذي تعمله، وإن ألح عليك الفكر في تذكره، أو أن تكلم الناس عنك فانسب ذلك إلى نعمة الله وعمله لا إلى نفسك.
ومن فوائد النسيان، أن تنسى المتاعب والضيقات..
أحياناً يكون التفكير في الضيقة أشد ايلاماً وضرراً من الضيقة ذاتها.. اجعل الضيقات خارجك لا داخلك. لا تسمح بدخول الضيقات في فكرك أو في قلبك لئلا تتعبك. حاول أن تنساها. وإن ألح عليك الفكر ولم تستطع أن تنسى، حاول أن تنشغل بالقراءة أو بالعمل أو بالحديث مع الناس، لكي تنسى..
وعندما تنسى ضيقاتك ومتاعبك وآلامك، ستدرك أن النسيان نعمة وهبها لنا الله. وستشكر الله الذي جعلك تنسى.. إليس أن الأطباء يقدمون للمرضى المتعبين بأفكارهم ومشاكلهم النفسية، أدوية لكي تشتت تركيز أفكارهم فينسون.. وهكذا يحاول الإنسان أن يشترى النسيان بالطب والدواء والمال. مبارك هو الله الذي يهب النسيان مجاناً، لمحبيه..
إنس المتاعب إذن والهموم، لأن تذكرها يجلب الأمراض النفسية والعصبية، وأمراضاً أخرى باطنية كثيرة.
من فوائد النسيان أيضاً أن ينسى الإنسان المعثرات التي تجلب له الخطية. فقد يقرأ شاب قصة بذيئة، أو يرى منظراً خليعاً، أو يسمع كلاماً مثيراً.. وإن لم ينسى كل هذا، تظل هذه الأمور حرباً على فكره تضيع نقاوة قلبه. ومن الخير له أن ينسى.
و قد يقع شاب في مشكلة عاطفية، ويحاول من أجل راحة قلبه أن ينسى.. وإن استطاع يعترف أن النسيان نعمة عظيمة.
لذلك حاول أن تنسى كل ما يعكر نقاوة قلبك.. لا تجلس وتفكر في أى أمر ينجس ذهنك أو مشاعرك. إنما إن عبر شيء من هذه الأمور عليك لا تستبقيه ولا تعاود التفكير فيه لكي تنساه.
ومن فوائد النسيان أيضاً أن تنسى التافهات لكي تبقى في ذهنك الأمور الهامة النافعة لك ولغيرك..
تصوروا مثلاً لو أن إنساناً تذكر كل ما يمر عليه طوال يومه أو طوال أسبوع أو شهر من كل الأمور التافهة التي تختص بالأكل والشرب وأحاديت الناس ومناظر الطريق وأيضاً كل القراءات وكل الاحداث، مثل هذا الشخص لا تحتمل طاقة فكره أن تخزن المعلومات اللازمة له والاساسية.. لذلك يسمح الله أن ننسى التافهات لكي تبقى في ذهننا الأمور الهامة فقط.
تصور مثلاً إذا أردت أن تصلى، وجاءت إلى ذاكرتك كل الأخبار والأحاديث التي عبرت عليك في يومك!! هل تستطيع حينئذ أن تركز فكرك في الصلاة. كذلك إن أرد أحد أن يذاكر درساً، أو أن يكتب بحثاً،أو أن يناقش موضوعاً هاماً، أتراه يستطيع ذلك وفى ذهنه كل التفاهات التي عبرت عليه في يومه. أليس من صالحه أن ينساها؟! ولو إلى حين..
إن النسيان إذن عملية غربلة حيوية تغربل في الذهن وفى الذاكرة جميع المعارف والمعلومات والمناظر والسماعات والأخبار، فتستبقى منها النافع، وتترك ما لا يفيد..
حاولوا إذن أن تتحكموا في ميزان ذاكرتكم، ولا تستبقوا فيها إلا كل ما يفيدكم.. أما الباقى فانسوه. فلمثل هذا أوجد الله النسيان.
صلوا لاجل ضعفى ؛
رويس المحرقى
إذا ما هو هدف الإنسان، وما غاية وجوده؟
هل يمكن ان يكون الهدف من خلق الإنسان ان يأكل ويشرب ويتناسل إلى أن يموت. أو هل يكون هدف الانسان من وجوده التمتع باللذات وطيبات الحياة، كما تقول إحدى الفلسفات القديمة لنأكل ونشرب فإننا غدا نموت. أو أن غاية الإنسان إنما هي العلم أو العمل. قال البعض إن غاية الانسان هي في احتقار الجسد وإخضاعه لسيطرة العقل وتعزيز الروح، واعتبارها القوة الكبرى للإنسان.
يقول القديس باسيليوس الكبير:
أما نحن فالغاية التي نسعى إليها والتي تصبو إلى الوصول إليها بكل حرص واجتهاد هي الحياة السعيدة مع الله في السماء ولا شيء في الدنيا يوازي هذا السعي الحميد شرفا وعظمة للخليقة العاقلة
إذا غاية الانسان تتعدى حياته كلها وتفوق على ذاته ووجوده لكي تصل إلى شيء أعظم من ذات الانسان إلى ذات بلا حدود التي خلق الانسان لأجلها فلا تكتمل سعادتها ولا معنى لوجودها إلا في هذه الذات، التي هي الله خالق الانسان. عبثا أن يعيش الانسان ويسعد، إن لم يكون الله هو غاية حياته وجهاده وأتعابه وآلامه.
لأجل هذه الغاية جاء المسيح ابن الله " جئت لتكون لهم حياة "
" وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا إن يسوع هو المسيح ابن الله،ولكي تكون لكم، إذا آمنتم حياة باسمه " (يوحنا 20: 31
من هذا ندرك ان الهدف من وجودنا هى ان نحيا الحياة الابدية .
والحياة الأبدية هي " أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي والذي أرسلته يسوع المسيح " (يوحنا 17: 3).
اذا الحياة الابدية تبدا من على الارض وهى ان تعرف يسوع المسيح واقصد بان تعرفه ان يكون لك علاقة قوية بالرب يسوع وهى غاية وجودنا على الارض .
فكيف اكون علاقة قوية مع الله لكى اعرفه المعرفة الحقيقية ؟
فبالصلاة يتعرف عليك الله تكلم معه لكى يعرفك . اسمعك تقول الله عالم بكل شيئ ولا يحتاج او ينتظر ان احكى عن نفسى لكى يعرفنى.
نعم الله عالم بكل شيئ ولكن لكى اقيم علاقة معه ينتظر منى ان احكى عن نفسى له يجب ان اعلن احتياجى له يجب ان يسمع صوتى وانا اطلب منه فهو يريد ان نسأل ونطلب لكى يعطى مع علمه باحتياجاتنا .
وبالصلاه تكون انجزت نصف العلاقة وهى من طرفك ان تعرفه على نفسك ومشاعرك واحتياجاتك .
بالقراءة فى الكتاب اسمع صوت الله وبذلك اعرفه . كثيرا منا يتعامل مع الكتاب المقدس على انه حجاب يقينا من المخاطر .
الكتاب المقدس هو كلمة الله التى يجب ان نسمعها ونقرائها لكى نتعرف على فكر الله وماذا يريد منا فيجب لكى نعرف الله نتعامل مع الكتاب المقدس على انه رسالة موجهة لنا وندرك ماذا يريد منا فى هذه الرسالة ونحاول تنفيذها على قدر طاقتنا .
ربنا يعطينا ان نعرفه لانه هو الطريق والحق والحياة .
صلوا لاجل ضعفى ؛
الراهب القس رويس المحرقى