مرحباً بكم في مدونة دير السيدة العذراء المحرق وهي تحتوي علي تراث الدير وسير وصور قديسي وعلماء ورهبان الدير مع العلم أن هناك روابط لا تغتح إلا إذا كنت مشتركاً في الفيس بوك

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

قصة العذراء القديسة مريم


بدأ العهد القديم بمعصية حواء وتعدّيها على وصية الله، لقد تناولت الكأس من يد الشيطان لترتشف ماء السعادة، فكان في الكأس سُم أمات فيها الحياة الإلهية، حياة النعمة والبراءة.

فوجدت حواء عارية من كل بر وطُردت من فردوس النعيم، فخرجت تبكى عهد الحب، يوم أنْ كان الفردوس شعاعاً منيراً وحديقة غنّاء.

وتحبل حواء بالمعصية فتلد الكبرياء والحسد والغيرة والكراهية... وشهدت بكرها قايين يقتل أخاه هابيل البار حسداً وغدراً! ورأت الظلم يطغو على العدل، والكبرياء يدوس التواضع، والقوى يتغذى على الضعيف، والغنى يبتز الفقير، وهالها منظر المتمردين وهم يقتلون الأبرياء، وعرفت مرارة الفضيحة والخيانة، وذاقت آلام الموت والتشرد..

فبكت حواء على معصيتها التي غرستها في أرض لم تُثمر سوى بشرية بغيضة، وغبّطت البطون العواقر التي لم تلد.

لكنَّ الأيام تتعاقب وتلد حنة زوجة يواقيم زهرة عطرة في بستان الحياة، إنها مريم الطاهرة، وتنمو الطفلة وتفوح رائحتها الطيبة، وقبل أن تُزف إلى يوسف عروساً فوجئت بزيارة الملاك جبرائيل، يحمل لها رسالة من الله: إنَّها ستحبل وتلد ابناً وتسمّيه يسوع.

وتذهب مريم لزيارة أليصابات، فلما رأتها العجوز امتلأت من الروح القدس وارتكض المعمدان في بطنها ابتهاجاً، أو قل سجوداً للإله المتجسد المحمول في بطن مريم أُمه.

فلمَّا جاءت أيامها لتلد قادها التدبير الإلهيّ إلى بيت لحم، وهناك أُغلقت الأبواب في وجهها وتحجرت القلوب نحوها.

وتهرب مريم إلى مصر من وجه هيرودس الطاغية،
فقد أمر بقتل أطفال بيت لحم لعله يقضي على ملك الملوك!!

وينمو الصبيّ ويعمل في النجارة صناعة أبيه، لكنه لا يلبث طويلاً في تلك الحرفة، لأنَّه ينبغي أن يكون في ما لأبيه، في الهيكل يُعلّم الناس أسرار ملكوت السموات.

ويُدشّن يسوع العهد الجديد بمعجزة ألا وهى: تحويل الماء خمراً في عرس قانا الجليل بناءً على طلب أُمه، فأعادت مريم العذراء تلك الينابيع التي حولت حواء خمرها ونعيمها إلى ماء مر، أعادتها صفاءً ونقاءً!


وهكذا عاش يسوع جميلاً كالربيع، وكانت عيناه كالعسل ممتلئتين من حلاوة الحياة، وكان على فمه عطش قطيع الصحراء لبُحيرة الماء، فهو يريد أن يعلّم ليجتذب إليه أبناء للملكوت، فما الذي حدث للربيع فتحوّل فجأة إلى خريف؟! ما الذي جعل الظلام يطبق بسحابته على النهار؟!

لقد كان لابد للحياة أن يموت لكي تحيا البشرية المائية بموته، ويموت البار وتلفه مريم بلفائف حبها كما قمطته في المذود بأقمطة حنانها.

لقد تناولته بين ذراعيها جثماناً بارداً لا حياة فيه وهو الواهب الحياة، ولكن رغم برودة جسده إلاَّ أنَّها أحسّتْ بلهيب محبته، تُرى كم كانت آلام مريم وهى تدفن ابناً لم يرَ من الحياة سوى آلامها؟!


لقد مضى يسوع وانتهت المعركة بين النور والظلمة، وأعطى كوكب الصبح نوره، وقد وصلت السفينة إلى الميناء بسلام، ويسوع الذي اتكأ على قلبها يتموج في الفضاء، وتعود مريم إلى أورشليم متكئة على ذراع يوحنا كما لو كانت قد حققت كل آمالها في الحياة، ولا يبقى سوى أن تبدأ رسالة جديدة، رسالة الأُمومة، فيسوع في حاجة إلى إخوة جدد بالروح.

فدخلت مريم البيوت لترفع من شأن المرأة والأطفال، وتودع طهرها الشباب.. فهجر الناس بيوتهم ليكرزوا بالإنجيل، وأصبحت صورتها تحرس البيوت وأيقونتها تزين الصدور.. ونحن نصلي ونقول:

مريم لا تنسينا بصلاتك عينينا يا عدرا يا أمي صلي لأجلنا

الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

غـــــرض السـكـون


أهمية وجود الغرض

+ ثبّت هدفك فى ذهنك، لتكون أعمال سيرتك موجهة كلها نحو الله.
+ وكما أن الناس فى كل فعل يريدون أن يبدأوا بعمل لهم فيه قصد وغرض، وهذا الأمل الذى ينتظرونه يحرك فكرهم أن يضعوا أساساً لذلك الشىء، وغرضهم منه هو الذى يشجع فكرهم على تحمّل الضغوط الموجوده فى العمل.. هكذا أيضاً عمل السكون الجليل ميناء كل الأسرار.
+ والذى من مبدأ سكونه لا يضع لنفسه هذا الغرض، وإليه يصوّب عمله، بل يعمل كيفما اتفق، فهو مثل من يرعى الريح، ولا يتخلص أبداً من روح الضجر كل أيام حياته، وأحد أمرين يحدث له: إما أنه لا يقدر أن يتجلد فى ثقل الحبس،فيخرج من السكون بالكلية. أو أن يتجلد ويثبت، فتكون قلايته له مثل السجن، وينقلى فيها.

+ كثيرون يعملون أعمالاً كثيرة، بغير غرض مستقيم، مع أن الأثمار الحقيقية لا تخرج من العمل، وإنما من القصد الذى لأجله عُمل العمل.

ليس غرض السكون عمل فضائل المجمع

+ تاه عن كثيرين هذا، وما يعرفون ولا يفهمون، أننا نحن المتوحدين لسنا لأجل عمل الفضائل نحبس أنفسنا داخل الباب، بل حتى من الفضائل أيضاً نكون موتى (أى نموت عن محبة الفضائل التى تُعمل وسط الناس)، لأن الفضائل إنما يصنعها الأحياء وهى وسط كثيرين تُعمل، فإن كنا نطلب من السكون عمل الفضائل، وإخوتنا الذين فى المجمع لهم بعينها أيضاً يطلبون، فما لنا والهرب والحبس وقبر القلاية ؟ بل نحن نقتنى من عمل السكون، الشىء الذى إذا ما تعلقنا من جفون أعيننا، لا نناله بالسكنى مع كثيرين، ولا نستطيع اقتناءه.
+ ولو كان قصدنا من عمل الفضيلة وأعنى بها الصوم وخدمة الأوقات والصدقة وما يُشبه هذا.. فما هو المانع من عملها فى السكنى مع كثيرين؟! بل وبالأكثر ينشطها عمل المجمع.
+ أما التنعم الروحانى الذى بالعمل الخفى يوجد، فلا يُعد مع الفضيلة لأنه سيد الفضائل.. أما الفضيلة فهى عمل ظاهر يكمل بحواس الجسد من أجل الله، ولكن نعمل هذه الفضائل أولاً فى المجمع، وبعد أن نتخرج ونتدرب ندخل إلى السكون، ونأمل أن نقتنِىِ فيه شيئاً، معروف أن صوت الطير يُكدّره..
+ هوذا ننظر كثيرين من الآباء الروحيين،ما كانت لهم قوة، لكى يكملوا بها الفضائل، وما رأوا أن يتركوا السكون، بل كانوا مُلقين داخل الباب، والباب مسدود وكانوا هادئين فقط، فلسبب كان ينبغى أن يتركوا السكون، لأجل أنه لم تكن لهم أعمال (أصوام وميطانيات..)، لكن ما كانت حلاوة الوحدة تتركهم أن يعطوا أنفسهم لنظر المجمع على الدوام.كانت حلوة عندهم صلاة واحدة بالسكون فى قلبهم، يُقدمونها لله بحزن واتضاع وهم مُلقون، خيراً من رِبوات صلوات وأعمال.. يُقدمونها لله خارج قلاليهم، وأفضل من نظر ومحادثة فضلاء العالم وحضور الأعياد..

ليس غرض السكون تكميل القوانين

+ نحن السكان فى الوحدة مع أنفسنا، فى الهدوء والحبس، لسنا من أجل التعب والقوانين نفعل هذا، فمعروف أن الخلطة مع كثيرين، تنشط على هذا من أجل حفظ الجسد وحرصه، ولو كانت الضرورة إلى هذا فقط ماكان أُناس صالحون وآباء قديسون يتركون الحديث والخلطة بالناس، ومنهم من سكنوا المقابر، وآخرون المغاير والجحور..بزيادة، وتُبطل همته عن إتمام القوانين، ومع كل ضعف واسترخاء الجسد، وشدة المرض الذى كان يلحقهم، كانوا يصبرون على الوحدة، حيث كان فيهم أُناس ولا على أرجلهم كانوا يقدرون أن يقوموا، ولا صلاة حسب العادة يُقرّبون، وما كانوا يقوون على أن يسبحوا الله بأفواههم ولا مزموراً واحداً.. وإذ هم فى هذا الضعف ضبطوا السكون، واختاروه على القوانين، وبهذا المذهب أجازوا كل أيام حياتهم، هذا الذى يُظن به أنه بُطلان.. وما كانوا يُحِبون ولا يرون- من أجل البطالة من الأعمال والقوانين - أن يدوروا خارجاً، ويذهبوا إلى الكنائس، ليتعزوا بالأصوات والتسابيح التى لآخرين..

غرض السكون

+ والقصد المستقيم هو أنه من أجل الله ومن أجل حُبه، يسكن المتوحد فى الهدوء والحبس، ولا ينظر بفكره أن يأخذ أجر أعماله شيئاً من هذا العالم، لا نياحاً جسدياً ولا ربحاً بشرياً، ولا رئاسة وتدبيراً، ولا مدحاً ومجداً وكرامة، بل جميع قصده أن يؤهل لحب ربنا يسوع المسيح الكامل ولنظره بالروح.
+ واحدة هى المطلوبة فى كل وقت، والتى نصنع كل الأشياء لأجلها: أن نحرص أن نرضى الله ونجده فقط، ونترك كل شىء ونزدرى بكل شىء.. لكى نجد الواحد الذى هو لنا كل شىء.. نحرص أن نقتنى بالسكون سكوناً، أعنى بسكون الجسد نقتنى سكون النفس، لأن السكون بالجسد يولّد سكون القلب.
+ فالآن نُحِب السكون يا أُخوتى لكى يموت العالم من قلوبنا.
+ اجلس فى قلايتك حسبما يليق بطقس عمل السكون الصغير الذى هو حفظ الأسابيع.قال أنبا أنطونيوس للقديس بولا البسيط تلميذه: من غير تدبير السكون لايمكن أن ينظر الإنسان نفسه ويفهم آلامه، لأن النفس من الاضطراب الذى يلاقيها من الخارج، لا تقدر أن تتأمل ذاتها فى الحروب المتحركة عليها خفية.. أما فى السكون فنقدر على الفتك بما يتحرك من الداخل

السكون في تعاليم مار إسحق

تعريف السكون

+ السكون هو نقص حواسنا عن العالم.. وهو حل حواسنا عن العالم.
+ تربية السكون هى الإنحلال من الكل.. لأن مُسمّى السكون وكُنيته (لقبه) هو من كل الأشياء وعدم السجس (الكدر) والاضطراب، والهروب من كل الأمور..

+ اعلم أن مبادىء سيرة المتوحدين هى: التجرد، والسكون، وعدم الارتباط بإنسان، أو بأمر ما..
+ المتوحد هو إنسان ترك العالم، ومجده وغناه، وأخذه وعطاءه وربحه، وترك بلده وأقاربه، وانتقل إلى المجامع والأديرة، أو إلى الجبال والبرارى، ليجلس فى السكون ويعمل بيديه ويقيت نفسه، أو تُعطى له صدقة من المؤمنين حسب اعتيازه فقط، ويعبد الله ليلاً ونهاراً.

تطـويب السكون

+ طوبى للنفس الساكنة بالكلية وقد ذاقت فى داخلها شهد عسل نمو القلب.

دعـوة لحياة السكون

+ كل موضع تصير فيه، كن منفـرداً بضميرك متوحداً وغريباً بالقلب..
+ يا أخى أحِب الوحدة ولو أنك عاجز عن جميع حقوقها..
+ أحِب الصمت والسكون أكثر من كل الأعمال.. أكثر من التعب، أحِِب السكون بحرص لأن فيه تجد نفسك الحياة.
+ ولأجل أن جيلنا الردىء لا يساعد على هذا، لكى نجد الهدوء بالتمام والسكون الحقيقى، مثلما كان فى الأجيال الأولى فـأى موضع نكون فيه فلنجلس مع أنفسنا ولو أنه يوم واحد، ليس فى الدير فقط بل وفى الطريق، وفى أى موضع كان، ولو أنها ساعة واحدة.
+ كل موضع يقـع فيه بيدنا السـكون فلنضبطه حسناً.. ويكون نظرك إلى ذاتك ولا تتركه خارجاً عنك، لأنك مادمت تنظر إلى غيرك فلا تبصر نفسك، أما إذا وجهت نظرك إليك، استطعت أن تُبصر نفسك.تحذير لمن يمنعه المتوحد الذى له كفاءة لنعمة السكون، وقد حظى بهذه الموهبة من الله.
+ إن كان أحد من الأساقفة أو من رؤساء الأديرة، إما من أجل نياح ما، أو عمل جسدى، أو من أجل غيرة وحسد.. يعوقه عن هذه الموهبة، فهذاعليه دينونة قدام الله، وهو مزمع أن يُعطى جواباً قدام منبر المسيح.

حروب السكون

+ ثلاث حروب صعبة تلتصق بحياة الانفراد فى القفر وهى: الخوف المرعب فى الليل، الضجر، المحزن فى النهار، حروب الشياطين.

+ هذه الحروب تأتى على الإنسان فى البرارى، فإن كان بسيطاً، غير مدرب، وليس فيه حُب لربنا، وقليل الصبر، وبلا مرشد .. فإنه سريعاً ما يتأذى عقله.
+ فليحذر الأخ الذى لا يقدر أن يثبت تجاه التجارب، الحادثة عليه فى السكون ، فإذا شعر أن عقله يتأذى.. فليرجع إلى المجمع.
+ يقول مار أوغريس: إن لم ينتفع الأخ من الوحدة فليرجع إلى سكون الأسابيع فى المجمع.