مرحباً بكم في مدونة دير السيدة العذراء المحرق وهي تحتوي علي تراث الدير وسير وصور قديسي وعلماء ورهبان الدير مع العلم أن هناك روابط لا تغتح إلا إذا كنت مشتركاً في الفيس بوك

الجمعة، 6 نوفمبر 2009

دير المحرق ملجأ آمن للمطرودين من أجل البر

دلت الدراسات الأولية للغارات الضارية التي قام بها البربر على الجماعات الرهبانية في برية شيهيت والتي يذكر التاريخ أنها حدثت في الأعوام 407م، 434م، 444م، 570م، 620م، 817م ( وكذلك غارة النوماتيين سنة 866م وغارة اللواتيين سنة 1069م ).

على أن عدداً كبيراً من الرهبان والآباء القديسين التجأوا إلى الأماكن البعيدة والآمنة ومنها صعيد مصر، إلى أن تهدأ تلك الغارات، ويتضح أن دير قسقام كان له النصيب في استقبال هؤلاء الأبرار وقبل استكمال الحديث يبرز.

هل من الصواب الهروب؟

قيل عن الأب دانيال الذي من الأسقيط إنه لما طرق البربر الأسقيط هرب الإخوة فقال الشيخ إن لم يهتم الله بي فمالي والحياة وعبر بين البربر وما أبصروه فقال ها الله قد اهتم بي وما مت فدعني أعمل أنا عملاً بشرياً وأهرب مثل آبائي ، وهربوكذلك قيل عن الأب نستاريون أثناء طوافه في البرية مع الأخوة وشاهد تنيناً وهرب أن قال له الأخ وأنت أيضاً أيها الأب تفزع؟ فأجابه قائلاً : ما أخشى يا ولدي إلا أن الهرب أوفق لي ولولاه ما كنت خلصت من روح المجد الفارغ.

جاء في سفر الثنية " لا تجرب الرب إلهك " وتفسير ذلك أن الإنسان يجرب الله متى عمل عملاً بلا روية وألقى نفسه في التجارب وقال في ذلك قديس آخر : إنه يجب الانهزام في زمان الاضطهاد واستيلاء الظلم ولا يسلم الإنسان نفسه في غير وقته للمعاقبين بل متى استدعاك الوقت فاصبر بشهامة وشجاعة ولو أنت كاره ـ لأن الذي يحب العطب به يهلك وإن كان بعض القديسين قد أسلموا ذواتهم للامتحانات باختيارهم لكنهم م
ا تجاسروا على ذلك إن لم يعلن لهم من الله من قبل.
عناق بين شهيت و قسقام

ولا جدال في أن استقبال دير قسقام لأولئك الأسقيطيين الأبرار، كان له أثر طيب، له تأمل عذب هو :إن تلاقي فكر النسك الأسقيطي بما فيه من السمو الروحاني مع تعاليم الشركة الباخومية التي كانت نبراساً لرهبان قسقام في ذلك الحين، أضاف فيضاً رائعاً على الحياة الرهبانية في قسقام وأعطى عمقاً مضافاً إلى الأصالة الموجودة منذ وصول الرب لهذا المكان وباركه وقدسه بيمينه الإلهية فغدت رهبنة قسقام نموذجاً لمزيج عطر فاح عبر العصور، به اشتمته الأنفس الطاهرة وانجذبت بعبقه الفواح لتعيش في رحاب والدة الإله القديسة مريم غريبة عن العالم لتنال الحياة الأبدية في ملكوت السموات ويتضح أنه في تلك الفترة أنشئ الحصن بأيدي وإمكانيات محلية وبتصميم هندسي يشبه إلى حد كبير حصون برية شهيت ولكن بأبعاد أقل ويقدر تاريخ بناء حصن دير قسقام ـ على الأرجح ـ أنه بين القرنين السادس والسابع الميلاديين.

و لا جدال في أن صعيد مصر كان ملجأ آمنا للمضطهدين عبر العصور الأولى للمسيحية في مصر فعندما اضطهد البابا اثناسيوس 20 ( 328 ـ 373 م ) في إحدى المرات نزل إلى الصعيد كملجأ أمان وليفتقد أبناءه ورعيته ورهبان الأديرة كذلك البابا تيموثاوس 26 ( 455م ـ 477م ) قام برحلته للصعيد أثناء الاضطهاد الشنيع الذي شنه الملكيون .

كذلك البابا ثيؤدسيوس 33 ( 536 م ـ 567 م ) عندما أمره الملك جوستنيان بالاعتراف بطومس لاون ( القوانين الخاصة بمجمع خلقدونية) رفض البابا الإذعان للملك وذهب إلى صعيد مصر يفتقد الديارات ويثبَّت رعيته على الأمانة الأرثوذكسية ويصبرّهم على الجهاد حتى الموتوأيضا الأنبابنيامين 38 ( 623م ـ 662م ) الذي اختفى ثلاث عشرة سنة حيث اعتلى المقوقس منصب البطريرك الملكي بأمر من هرقل ملك الروم ورسم أساقفة ملكيين لسائر إيبارشيات مصر أذاقوا فيها أهل البلاد الذل والبلاء
.

ويبدو أن دير قسقام كان له نصيب ـ بعض الشئ ـ في استقبال الآباء القديسين وإن كان لم يُعثَر على دليل حتى الآن يؤكد زيارة الآباء البطاركة [ الأنبا أثناسيوس ( 20 ) والأنبا تيموثَاوس ( 26 ) والأنبا ثيؤدوسيوس ( 33 ) ] لدير قسقام إلا أنه بالنسبة للأنبا بنيامين ( 38 ).

فقد نشر الدكتور ميللر MULLER أستاذ الدراسات المسيحية الشرقية بجامعة بون بألمانيا الغربية بحثاً في عام 1987م قام بدراسته وإعداده الأستاذ جرجس داود مدير المتحف القبطي بالقاهرة أثبت فيه بالدليل القاطع أن دير قسقام أحد الأماكن التي لجأ إليها الأنبا بنيامين واستقر فيها مدة من الزمان خلال فترة اختفائه في عهد المقوقس في الفترة بين 631م إلى 643/ 644م والتي لم يُكتب عنها شئ في كتب التاريخ التي نشرت حتى اليوم.