الشوك يرمز للخطية التى لولاها ما كانت الأرض قد لُعنت، ولا أنبتت شوكاً وحسكاً (تك17:3،18)، فكما أنَّ الشوك سهل الاحتراق، وعندما يشتعل يحرق كل من يقترب منه، هكذا أيضاً الخطية، كل من يقترب منها يحترق بنارها، كما أنَّها تقود إلى النار الأبدية، أليست الخطية هى التي تسببت في إحراق سدوم وعمورة بالنار والكبريت؟! (تك24:19).
هذا وقد تحدّث سفر الرؤيا عن البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، ووصف عقاب الخاطيء بأنَّه " سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ الله " (رؤ10:14)، ويشرح كمثال لهذا العقاب عقوبة بابل الزانية فيقول: " وَسَيَبْكِي وَيَنُوحُ عَلَيْهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، الَّذِينَ زَنُوا وَتَنَعَّمُوا مَعَهَا، حِينَمَا يَنْظُرُونَ دُخَانَ حَرِيقِهَا " (رؤ9:18) .
وكما أنَّ الشوك يؤلـم كل من يمسكه ويسبب له جروحاً بالغة، هكذا الخطية لا نجني منها سوى الآلام والأحزان، وكما قال القديس أُغسطينوس: ما من سعادة يجنيها الإنسان من الخطية لأنَّ آلامها تفوق أفراحها ".
وإن كانت الخطية تبدو لذيذة في بدايتها لكن إلى حين، إذ سرعان ما تنقلب حلاوتها إلى مرارة، ويستطيع أن يتحقق من هذا كل خاطيء إذا سأل نفسه بعد كل خطية يسقط فيها: ماذا ربحت وماذا خسرت من خطيتي؟ قد تربح لذة وقتية، أو تجني مالاً وفيراً، أو تنال مركزاً مرموقاً.. لكنَّك ستخسر الله اللذة الحقيقية، الذي لذته تفوق كل لذة أرضية.
ولو تأمّلنا منظر الإكليل لرأينا أنَّه يأخذ شكلاً دائرياً، وهذا يُشير إلى أنَّ السيد المسيح قد رفع الخطية من دائرة العالم كله.
أمَّا كون الشوك أُخذ من الأرض التى لُعنت فهذا يعنى: إنَّ المسيح قد جاء ليستأصل اللعنة القديمة وينزع جذور الخطية من الأرض ولهذا قال أحد الآباء:
" أتى ليقلع الأشواك من الأرض.. حمل لعنة الأرض بالإكليل الذي وضعوه على رأسه، الخطايا والذنوب والأوجاع والآلام والضربات.. ضُفرت بالإكليل ووضعت على رأسه لكي يحملها.. خلع بإكليله الزرع الملعون الذي للحيّة.. قطعوا بأيديهم الأشواك التى اضطرت أن تنقلع وصارت إكليلاً لابن الله وذلك لكي يزيلها ".
جاء المسيح وحمل شوك الخطية على رأسه لينقذنا من لعنتها، لكن إن كان من الظاهر يحمل شوكاً على رأسه، فالداخل كان يحمل خطايا ولعنات البشرية كلّها، التى تجمّعت في هذا الإكليل وتراكمت على رأسه المقدّسة في شكل أشواك. وهكذا وضع الناس خطاياهم بأيديهم على رأس يسوع الذبيحـة الحقيقية، الذي جاء لُيذبح ويرفع خطايا العالم0
أرادوا أن يستهزئوا بملك الملوك، فماذا فعلوا؟ ألبسوه تاجاً، لا من جواهر نفيسة أو معادن كريمة بل من شوك، فصار كالوردة الجميلة المحاطة بأشواك الخطاة! وها نحن إلى الآن لا نَملْ من التطلّع إلى جمال منظرها، أو تنسم عبير رائحتها.
وهكذا حوّل المسيح بقيامته إكليل اللعنة والعار إلى إكليل المجد والبهاء، وضع إكليل شوك على رأسه ليرد آدم إلى رتبته الأولى، ممجداً ومتوَّجاً بإكليل النُصرة والغلبة، وأيضاً ليُسقط تاج الشيطان الذي ملك على البشر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق